تأملات تنموية رمضانية (1)

  أهمية العطاء (المساعدات الإغاثية والرعوية) في التنمية المجتمعية:

بقلم: محمد محمود أبوقطيش

قبل سنتين رشحت ضمن فريق لتحكيم مبادرات مجتمعية في مشروع لتمكين الشباب لصناعة المبادرات المجتمعية ، في إحدى محافظات  المملكة العربية السعودية. وقد  قدم فريق من الفتيات مبادرة حملة لجمع الملابس المستعملة وتهيئتها لإعادة توزيعها على المستحقين ضمن مبادرة جميلة في الإجراءات والخطوات والعمليات، وقد تم مسبقا التوافق على معايير محددة لتقييم المبادرات منها: نوع المبادرة ومدى تحقيقها لتنمية فعلية للمجتمع، وكذلك احتياج المجتمع لها. وقمت بمنح علامات عالية لهذه المبادرة، مبررا أن هذه المبادرة تساهم في تنمية وتمكين المجتمع في جوانب عدة لعل أهما ما يلي: 

1- هذه المبادرة هي وسيلة من وسائل التحفيز المجتمعي للمشاركة التطوعية، وذلك أن الحملات العامة - مهما كان نوعها- هي نوع من أنواع كسب التأييد اوالتحفيز نحو المشاركة المجتمعية، والتحفيز هو أحد أركان التمكين المجتمعي للمشاركة في التنمية، فمبادرة حملة جمع الملابس تحفز المجتمع للمشاركة في برامج تنموية وإغاثية، وهي وسيلة لتحريك المجتمع بتقبل ورضا.

2- تساهم هذه المبادرة في (التسامي التنموي) على طريقة خبراء التربية، حيث يحتاج المجتمع إلى هذا التحفيز ليتسامى المجتمع تربويا وتنمويا، تربوبا لأن العطاء محرك للإنسان ليتسامى عن (الأنا) ويكون متقبلا للآخرين، أما تنمويا فيتسامى ليكون عضوا إيجابيا وفاعلا في الجماعة الإنسانية، ليؤدي وظيفته ضمن هذه الجماعة.

والتسامي  يكون من خلال التخلي عن متعلقات مادية يرتبط الإنسان بها في حياته وذكرياته، وكذلك في مجهوداته، ويتمثل  ذلك  في أحد أهم عنصرين: هما المال والملبس، فهما عزيزان على كل قلب واحد فينا، لا يتخلى عنهما بسهولة. والتسامي يكون  كذلك  بالتحلي بالمشاركة المجتمعية وان يكون عضوا فاعلا وإيجابيا نحو فئات المجتمع ككل.

وقد ذكَرت فريق التحكيم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم  الذي وصف عمق التعلق بالمال والملابس بالعبودية:( تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة..) والقطيفة هي الملابس، من هنا تأتي دور هذه المبادرة في  التخلي عن هذه العبودية، عبودية الأنا إلى رحابة المجتمع.

وأذكر أنه في بداية الألفين كنت مديرا لمركز تنموي في عمان، الأردن، وقد بدأنا خطتنا في العمل للتحفيز المجتمعي للمشاركة في التنمية للمنطقة، أننا بدأنا بحملة مشابهة لجمع الملابس وإعادة تهئيتها حيث شارك في هذه الحملة ما يزيد على 500 متطوع ومتطوعة بتنظيم وعمل منظم، وكذلك شارك فيها آلاف الناس تبرعا وإعلاما ومساندة، حيث تم إعادة تهيئة و توزيع ما يزيد على 110الاف قطعة ملابس استفاد منها ما يقرب من 20 الف أسرة من االمستحقين في محافظات الأردن.

ويقاس على حملة جمع الملابس، حملات الزكاة والصدقات والهبات والوقف، وغيرها من صور العطاء.

من هذا المدخل  يعتبر العطاء أحد أهم القيم المجتمعية و الإنسانية التي ركزت عليها التوجيهات  القرآنية والنبوية، وعلى رأس هذا العطاء أحد أهم  الأركان في الإسلام ألا وهي  فريضة الزكاة، وكذلك ركزت على أهمية الصدقات و الهبات والتبرعات. وقد أكدت على تعميق هذه القيمة في نفوس أفراد المجتمع.

وهذه لا ينافي نهج التمكين المجتمعي إنما يسير بموازاته نحو تنمية المجتمع ومشاركة أفراده في التنمية. وقد تبدأ التنمية والتمكين بتقديم العطاء لتذليل السبل ومنح الأدوات اللازمة للتمكين.

حاول هذا المقال إثارة الإجابة على تساؤلين  طالما طرحا أمام طريق العمل في التنمية والتمكين المجتمعي- خاصة عندما يتم مقابلة نهج الإغاثة بنهج التمكين والفروق بينهما وما هو الأصلح للمجتمع-.

والتساؤلان هما: أنه  في ظل العمل نحو نهج التنمية والتمكين المجتمعي ما موقع العطاء المتمثل في المساعدات الإغاثية والرعوية في هذا النهج وهل فعلا علينا التخلي عن نهج الإغاثة رغم التوجيهات الإسلامية العظيمة نحو نهج المساعدات الإغاثية والرعوية؟

وكيف يمكن توظيف نهج الإغاثة للوصول لتمكين الفئات المستهدفة من الفقراء والمهمشين والأقل حظا؟

,----------

تقبل الله طاعتكم وكل عام وانتم بخير


تعليقات

  1. أسأل الله أن يديم بقاكم للعمل الخيري وان يكلل مسائكم بتوفيق والنجاح أهل الخيري سعودي ارجو تعاونكم لصالح فقراء والمساكين والأيتام والأرامل والمحتاجين وخاصة المسلمين جدد لمشروع إفطار صائم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دورة تحديد احتياجات المجتمع المحلي

المجتمع